نظرية الأتار الفائقة والأكوان المتوازية من وجهة نظر أخرى

تزودنا نظرية الأوتار الفائقة فهما مختلفا للكون، فأصغر مكون للمادة هي الأوتار، وهي تتحرك أو بالأحرى تهتز بشكل متذبذب، واختلاف نسق اهتزازاتها يعطينا ما يشبه معزوفات مختلفة، ذلك يجعل من الكون أشبه بسمفونية هائلة الضخامة، وهي محصلة المعزوفات المدمجة ضمنها (أو هكذا تزعم التطورات الحديثة في الفيزياء).

ويبدو أن وجود عدد ضخم جدا من الحلول للمعادلات الرياضية ذات الصلة بنظرية الأوتار ينتج لنا موجات متباينة, ولأن كل موجة تعبّرُ عن تجليات فريدة للمادة، فالنتيجة المنطقية، وجود أكوان متوازية في الكينونة، صحيح أنها متسقة رياضيا حتى ولو لم تكن مثبتة فيزيائيا، سوى أن الدليل إليها يتبلور لدى محاولة دحضها.

مثلا إذا سلمنا بأن المادة تختفي هكذا وبكل بساطة فذلك يجعل مسلماتنا في توتر حاد مع ظاهرة الانبثاق، وبذلك تعطينا هذه الافتراضات تفاسير منطقية لاختفاء المادة كما في حالة الثقوب السوداء، فالمادة قد تتسرب نحو حيز جديد، أما اندثارها فيبدو الأبعد عن التصديق، وهي تقدم ربما تفسيرا علميا لاختفاء الروح وانفصالها عن الجسد، فالموت في هذه الحالة يكون بمثابة انتقال الروح نحو موجة جديدة لا يمكن رصدها إلا في كون آخر أو كينونة أخرى تتناغم سمفونيته أي معزوفة أوتاره مع الموجة الجديدة التي يتجلى من خلالها.

وبالمثل يبدو أن عدم إدراك عالم الجن بصريا وحسيا يعود إلى أن كينونتهم مرتبطة بموجة ذات تردد مختلف لسنا مجهزين لالتقاطها. وهي ما يمنح نقاطا إضافية للطرح القائل بأن الأكوان المتوازية تتقاسم الحيز ذاته لكن تفصلها بينها الأغشية التي لا تسمح سوى بتسرب إحدى أضعف أربع قوى في الكون: قوة الجاذبية.